كَاذِبٌ أنتَ يا وَلَدي ..
تَدورُ حيثُ دارت الأهواءُ بك
وَتَرْتَدِي أثوابًا غَيرَ أثوابِك
وَتَمْضِي مُثْقَلًا بِمُناجاةِ أطيافِ قَلْبِك بِكلّ ألسِنةِ الادّعاء
تَارًة تَرْتَدِي ثوبَ المُحِبّ الوَجِل تَرْتَعِشُ يَداك ولا رَجفَةَ تَنْتَابُ قَلْبَك وَتَمْضِي فِي سُبُل التّقَلُّبِ ما بين تَمَنّيَه والخَوْف عَلَى فَواتِه
وَتَارًة تَتَلَبّسُ مِلَاءَة الزاهِد المُعْتَكِف عِند بابِ مَولاه .. يَتَبَكّى وَيَتَمَسّح كلما طاف ذِكْرُ مَوْلَاه بِفِكْرِه .. وَقَبْلَ أن يَنْسَلّ مِن لَواعِجِه وآهاتِه يُلْقِي عَنه زَيفَ زُهْدِه وتَزَهُّدِه
كَاذِبٌ أنتَ يا وَلَدي ..
وَلَو مُزِجَتْ أمْطارُ الصِدق وأنْهارُ الإخلاصِ وبُحورُ اليَقِين بِقَلْبِك لَمَزَجَهم كَذِبُه .. وَلَطَغَى لَوْنُهُ الباهِت على صَفاء خِصالِهم
..
أَمَا تَعلَمُ يا قُرّةَ العَينِ ..
أنّ حَالَك تِلك لا تَشُفُّ عن طِيبِ أصلِك وصِدقِ مَنْبَتِك .. بلْ إنّها لَتُعْمِي نَواظِرَ الناظِرينَ عن نَسْمَة الصِدق فِيك ..
لا أكْتُبُ إليكَ لأزيدَك مَواعِظًا أنتَ في غِنًى عن سَماعِها
بل أكتبُ إليكَ خَوفًا أنْ يَمُرَّ هاتِفُ الصِدق بِك ولا يَعُودُ
فَتُرَاكَ لَسْتَ أنتَ .. بلْ شَخْص آخر فِي ثوبِك
لا يُشْبِهُك ولا تُشْبِهُه سِوَى فِي صُورَة المِرآة ..
..
اُدخُل على المَلِيك بِدُموع النَدَم الخَافِت بِقَلبِك .. وحَرِّرْ دُمُوعَ قَلْبِك مِن صَخْرَةِ الجُمود
فَلَأنْتَ أحْوَجُ لِلمَلِيك الآنَ.
-وَفِي كُلِّ آنٍ-
تعليقات
إرسال تعليق