نَظْرَةٌ مُوحِشَةٌ
أهو حَظِّي مِنك تلكَ النَّظَرات ...... كلما جادَت بِمَرْآك الصُّدَفْ؟
وَخَيالاتٌ تَراءَى فِي سُبات .........مُذْكِياتٌ ما بِنَفْسِي مِن شَغَفْ؟
أكذا تَمْضِي بَقِيَّاتُ الحَياة ........ليتَ شِعْري وكذا يُقْضَى العُمُرْ؟
آه. ما أشْجَى وما آلمَ. آه .............إنْ يَكُن هذا فما أقْسَى القَدَرْ!
أينَ ساعاتٌ مَضَتْ قبلَ الفِراق ......مِلْؤُها العَطْف ورَيَّاها الوَفَاءْ
هكذا الدُّنيا اجتماعٌ وافتراق ............وهي آهاتٌ وذِكْرَى وشَقاءْ
شَدَّ ما ألْقاهُ فِي هذا النَّوى ...............مِن عَذاب يَنْكَأُ القَلْب ألِيمْ
شَدَّ ما تَسْتَشْعِرُ النَّفسُ الجَوَى .........فَتلظَّى في شُعورٍ كالجَحيمْ
ليتَني أدرِي -وإن لمْ يُشْفِني- ........كَيْفَ أُبْدِي ما بِنَفْسي مِن ألَمْ!
رُبَّ إحْساس أليمٍ شَفَّنِي ................لَمْ أُصوِّرْه بِلفْظٍ فاضطَرَمْ
آلَمَ الإحساسَ إحساسٌ دَفينٌ ..............وشعورٌ في فُؤادٍ يَشْتَجِرْ
لَمْ يَجِدْ لَفْظًا فأدَّاه الأنين ...................ودموعٌ ساكِباتٌ تَنْهَمِرْ
أتُرَى آلَمُ للقلبِ الكَليم .................مِن رَجاء كان يَزْهو فَخَبَا؟
وانطَوَى يغْمُرهُ يأسٌ عَقيم .............يتركُ القلبَ قِفارًا مُجْدِبَا
أتُرَى أوحشَ مِن دير كَئيب ...........في فَلاةٍ لا يُدانِيها البَشَرْ؟
وتَكادُ الرِّيح تَحميه الهبوب ...........دَقَّ ناقُوسٌ بِهِ عندَ السَحَرْ
ذاك قلْبي بعد فُقدانِ الأمَل ........مُوحِش يَطْرُقُه صَوت سَحيقْ
تبعثُ الذِّكْرَى صَداهُ إذْ تُطِلّ ...مُشْجِيًا يُوغِلُ في الصَّمْت العَميقْ
ما الذي كان وماذا سيكون؟ ....لستُ أدْرِي ما جَوابي، لا جَوابْ
لَيتَني أدْري خَبيئاتِ السِّنين .........إن فِراقا أو يكنْ بعدُ اقْترابْ
إيهِ يا مِلْءَ فُؤادي ومُناهُ ..............إيه يا رَمْزَ الأماني والأمَلْ
يا نَسيمًا ضَمَّ أنفاسَ الحَياة .............نَفْحَةٌ تُهدِي إلى مَيتٍ أجَلْ
أنا إذْ ألْقاك عَفوًا لا أُحِسّ ............فيك جِسْمًا كَبَقِيَّات الجُسُومْ
إنما ألقاك طَيفًا لا يُحَسّ ..............طائفا يَهفُو كما يَهفُو النَّسيمْ
في خَيالي أنت أنقَى وأرَقّ ..........أنت رُوح فيه أو طَيْفُ مَلَكْ
بجناحَيه تراءَى فَخَفَقْ ................بسَناءٍ حالِكٍ يُغْرِي الحَلَكْ
أفَلا لُقيا بثغرٍ باسمٍ؟ .....................أفلا قلبٌ أناجيهِ سَميعْ؟
أفَلا شَكْوَى فُؤاد هائمٍ؟ ...........أفَلا نَجْوَى بصمتٍ وخُشُوعْ؟
بِحَياتِي أفتدِي هذا اللقاء ...............وأمانِي وما ضَمَّت يَداي
وبِنَفْسِي لو دَنا عَهْدُ الرِّضَاء .......فَمَحا بُؤْسِي وأوْدَى بِجَواي
وأوْى قَلْبَين في بُرْد الوَفاء ............مثل ما كانا شَقِيقَي مَوْلِدِ
لَيْتَ. لكن "لَيْتَ" لا تُدْنِي رَجاء ...فَلْأَمُتْ أو أبْقَ حِلْفَ الكَمَدِ
تعليقات
إرسال تعليق